الثلاثاء، 7 مايو 2013




 

 

 

 

 



















------   رغم انه حمل صفة 'ميت' منذ ملايين السنين، إلا أن البحر المالح، قد يحمل الاسم بحق إذا ما جف يوما ما ..لكن في يوم دافئ يرمي البحر بأمواجه إلى مصاطب الملح ويظهر السرور على وجوه الزائرين.


أعجوبة حفرة الانهدام العظيم قد تنتهي. وهذا لا يمكن الجزم به قطعا من قبل الخبراء، ولا تصديقه من قبل السياح.
 


على الشاطئ الذي يحلم فيه كل سياح العالم، ويتوسع نحو الشرق، يمكن  لعامل بسيط  في منتجع سياحي يهودي  مثل سعدي العواطلة أن يخمن بكل سهولة تراجع البحر مجرد أن يجتاز مترين مشيا داخل الماء... فالمدى الذي يصل إليه الماء عند وسطه يتناقص سنة بعد سنة.


ويقل مستوى التفاؤل أيضا عند صناع السياسات في دولة فلسطين سنة تلو سنة مع تناقص كميات المياه في البحر.


 الشمس تظهر كصحن مغطى بالماء المتبخر في السماء، والسياح يهبطون عبر درج خشبي الى الشاطئ في الصباح الباكر، لكن أي منهم لا يعرف انه قبل سنوات كانت مياه الشاطئ تغطي الدرج.


واقفا، على الشاطئ الموحل الذي تلمع كتل الملح المتكلس على أطرافه قال العواطلة ان المياه تراجعت عن العام الماضي. 'كانت هناك. كانت فوق' . والشاطئ الممتد على مسافة عدة كيلومترات يخلو من المتنزهين بعد أن أكملت السلطات الإسرائيلية وضع سياج شائك حوله من الجهة الغربية.


لكن اليهود يستطيعون بكل سهولة الهبوط عبر معرجات وعرة إلى نواحي الشاطئ. ويوما من الأيام قد يختفي المشهد: مستجمات يهوديات يغطين كامل أجسادهن بالوحل المملح. وتسقط أشعة الشمس على أدنى بقعة على سطح الأرض ومع مضي النهار يشتد لمعان الأرض المغطاة بعناصر كيمائية فريدة.


والفرح على الشاطئ يقابله رثاء في دوائر صنع القرار الفلسطيني رغم ضجيج ما يفترض أن يتم من خلال مد ناقل مياه طبيعي من البحر يصب بالميت. واظهرت دراسات البنك الدولي، انه اذا لم يتم اتخاذ أي إجراء سيتعرض البحر الى الجفاف بنسبة كبيرة.


ويرثي الفلسطينيون بحرهم الذي لا يستطيعون الوصول إليه، لذلك يبدي ماجد الفتياني محافظ أريحا التي يقع البحر ضمن حدودها خشية واضحة من فقدان البحر على مر السنين. يردد المعنى ذاته مسؤولون آخرون. وتغلق إسرائيل تماما البحر أمام أي نشاط رسمي فلسطيني.


هذا هم إضافي للفلسطينيين.


 لكن فقدان البحر جائز تماما.' ربما يختفي. ربما يعود البحر ويصبح اكبر. لا اعرف. ذلك يبقى في علم الغيب' قال العواطلة، فيما أشار الى تراجع الموج عند ملاحات يستخدمها الاسرائيليون لإنتاج المواد المعدنية والأملاح.


وهذا سبب كافي لنقصان المياه المالحة يوما بعد يوم بالنسبة للفلسطينيين.


فنسبة المياه الداخلة للخارجة نسبة تساوي نسبة 1-3 كما يقول الخبير البيئي عماد الأطرش.


والخوف من فقدان البحر الميت ليس محليا، فكبرى مؤسسات دول العالم تراقب الوضع، وتجري الدراسات ذاتها وكالة الفضاء الأمريكية التي أشارت إلى ذلك مؤخرا.


في النهار يتردد صدى صوت الزوار الأجانب، وفي الليل يسود السكون، إذ تعتبر كل منطقة البحر الميت منطقة محرمة. لكن هذا لا يقلق أحدا من المستجمين الفرحين في الصباح الباكر. وليس أي فلسطيني كان يرتاد الشاطئ إلا العمال في المنتجعات اليهودية.


لا يصعب العثور على يهود في أي مكان.' 100% من منطقة البحر تحت سيطرتهم(الإسرائيليين)' قال الفتياني..' لا نستطيع أن نبدأ أي مشروع في المنطقة(...).يحاولون إبعادنا عن البحر'. ويقول محافظ أريحا أن حصة الجانب الفلسطيني من البحر هي 182 كيلومتر مربع لا يسمح لدولة فلسطين الاستفادة منها.


على طول الطريق المؤدي من أريحا حتى الحدود المسموح للفلسطينيين السير بمركباتهم عليها جنوبا، لا شيء يشير إلى علامة فلسطينية في الأمكنة. وتشكل أطراف الجبال التي تتعرض    لانهيارات متواصلة مكانا مناسبا لاستطلاع المساحات المنحسرة من البحر.


'جفاف البحر مستمر. واليابسة تتوسع لان أسباب تلاشي البحر موجودة' قال نائب وزير البيئة جميل المطور لمراسل 'وفا'. ويرى الفلسطينيون أن التصنيع واستغلال إسرائيل للمياه يصبان في جفاف البحر، رغم الحديث المستمر عن شريان قناة البحرين التي من الممكن تنفيذها لانقاذ البحر رغم الأضرار البيئية المترتبة على ذلك.


وتظهر من أي مكان الملاحات التي تشغلها الشركات الإسرائيلية لاستخراج الملح.


 ويظهر البحر المالح منجما يفرغ يوما بعد يوم. والحفر الملحية التي تكونت بعد انحسار الملح شاهد أيضا على زوال المياه وظهور اليابسة التي يكون الدخول إليها أحيانا محفوفا بالمخاطر.


لكن البحر الذي ينحسر تناقش قضيته على مستويات سياسية عليا في الدول المشاطئة الثلاث. كانت إسرائيل عندما بدأ البنك الدولي يجهز لدرسات'قناة البحرين' إنقاذ البحر حاولت إبعاد الفلسطينيين عن أي نقاش، كما ابلغ مسؤول فلسطيني مراسل'وفا'.


وقال شداد العتيلي رئيس سلطة المياه 'حصلت فلسطين على اعتراف اسرائيلي بحقوق المشاطئة حسب القانون الدولي. حتى الان هذا العام وصلنا الى مسودة ختامية لدراسات قناة البحرين والبحر الأحمر والميت ومحطات توليد الطاقة'.


ويشن بيئيون في العالم واقتصاديون هجوما على مشروع قناة البحرين.


وقال د.هيثم دراغمة وهو مدير عام التخطيط والسياسات في المجلس التشريعي' لا جدوى اقتصادية لهذا المشروع الآن. اقتصاديا إسرائيل تستفيد منه ونحن لا نستفيد من أي شي. لا يسمح لنا الاستفادة من البحر، فيما الصناعات الإسرائيلية مستمرة'.


وأظهرت دراسات البنك الدولي انه من اجل جلب 2 مليار من المياه نصفها للتحلية والنصف الآخر للبحر الميت بحاجة إلى تمويل نحو مليار و600 مليون دولار. لكن الدراسات الأولية أظهرت عن بروز مشكلة في المياه كما قال العتيلي.


'سيتحول البحر إلى ابيض وتتكون الطحالب الحمراء ويتحول البحر إلى احمر'.لكن دراسات تجريبية لاحقت أظهرت أضرارا اقل.


لكن صفحة البحر الميت، اللامعة تحت أشعة الشمس، في يوم شتوي ابعد ما يكون عن كل ما يقال في دوائر صنع القرار والسياسات. انه وجه آخر مالح ومرّ من الصراع المستمر في حفرة الانهدام العظيم.انه وجه البحر اللامع.


 


 


 

0 التعليقات:

إرسال تعليق