الثلاثاء، 18 يونيو 2013

بينما ارتفعت الشمس خلف المسجد الكبير في وسط مدينة الحجر البيضاء


 كان أمير يضع آخر ما تبقى من الأكياس المحاكة والمصنوعة من صوف الغنم


 على سنام جمله حسن. كانت السماء تشتعل من الحرارة بألوان حمراء


 زهرية وبنفسجية وبرتقالية. نظر الجمل حسن إلى السماء


ليرى جمال ألوانها صباحاً، ونظر إلى سنامه المحمل بالأكياس


 كل كيس مليء بالبهارات والزيوت العطرية والحجار الثمينة


 كلها سيحملها مع صاحبه إلى القرية البعيدة خلف الصحراء الحارقة.


No Image Available


بدأ صاحبه بربط قوارير الجلد المليئة بالماء البارد ثم صعد ليجلس


 ركل جمله ليبدأ السير، وبدأت الرحلة باتجاه الصحراء الملونة التراب


 تاركان أشجار النخيل التي تملأ الواحة. تمنى حينها الجمل حسن


 لو أنه شرب المزيد من الماء قبل ترك المكان؛ فقد كان يشعر بالعطش.


No Image Available


كانت شمس هذا الصيف حارقة مسلطة عليهما


 خلال هذا الوقت تناول أمير الماء العذب المنعش ليشرب عدة مرات


 عادة لا يحتاج الجمل للشرب بشكل متكرر، ولكن حسن لم يكن


 كغيره من الجمال، كان دائم العطش. وفي كل مرة يشرب فيها أمير


 تمنى الجمل حسن لو أنه يتمكن من الحصول على بعض هذا الماء البارد


 كانت الشمس تسطع على كل جوانبه فيشعر بحر شديد


 ولهذا فقد كان ينتظر اللحظة التي يبتعد فيها نظر أمير فيتناول حسن الماء بلا أن ينتبه صاحبه.





بعد أن سارا لساعات متعددة، أصبح حسن في حالة شديدة


من العطش حتى لم يعد يقوى على التحمل، فهو يحتاج إلى الشرب


 بشكل ملحّ. ولشدة تفكيره بكيفية الحصول على الماء من غير أن ينتبه رفيقه


 لم ينتبه للحجر الكبير الذي اعترض طريقه، فتعثر فيه وسقط فوقه على ركبه


 فسقط أمير عن ظهره بقوة. بقي أمير مدة كافية ووجهه في التراب


فتمكن حسن من تناول الماء والشرب وإعادته بسرعة قبل أن ينتبه صاحبه.


No Image Available


وقف أمير ونظف ملابسه ووجهه وشعره من التراب وتوجه إلى


جمله حسن، انتبه إلى وجود الحجر وعرف أن جمله تعثر


 هز رأسه ثم صعد مرة أخرى على ظهر حسن.


No Image Available


تبسم حسن ابتسامة يعرفها الجمال ومضى في سيره باتجاه القرية


 كانت الشمس عالية في السماء والحرارة لا تطاق، فكان أمير يبرد الهواء


حول وجهه بمروحة ورقية، ولكن المسكين حسن لم يشعر إلا بحرارة أكبر


وعطش أعظم. كان ينظر إلى أمير ولعابه يسيل وهو يراه يتناول الماء العذب من قارورة الجلد


أغلق عينيه وأكمل سيره وهو يتخيل وسط ماء بارد يخفف حرارته ويرطب فمه. عندما


فتح عينيه ونظر إلى أمام قدميه، توقف فجأة وصرخ بصوت يثقب الآذان وطار صاحبه


عن ظهره مرة أخرى، تراجع حسن للخلف، فقد كان أمامه ثعبان كبير يتلوى ويسير


 وسط الرمال، حسن يكره الثعابين بشدة ويخافها.


تنبه حسن إلى صاحبه المغطى بالرمال، وهروب الثعبان، فأسرع بأخذ الماء والشرب


 منه حتى ارتوى ثم أعاد القارورة مكانها قبل أن يقف صاحبه مرة أخرى وهو يشتاط غضباً


 نظر أمير حوله ليرى إن كان هناك حجراً آخراً، ولكنه رأى الثعبان


 فعذر صاحبه الجمل، نظف نفسه وعاد ليجلس على ظهر حسن وإكمال المسير.


No Image Available


مرت ساعات أخرى والشمس لا تزال بحرارة لا ترحم


 من بعيد، رأى حسن القرية، شعر بالسعادة فالماء قريب. بدأ بتخيل نفسه وسط ماء بارد


منعش يبرد جسده ويرويه من عطشه، سيشرب الكثير من جالونات الماء. وبينما هو سارح


 في خياله، وجد نفسه يضرب رأسه بقوة بنخلة مما سبب له ورما في رأسه، وليطير على


إثرها صاحبه للمرة الثالثة عن ظهره. أخذ حسن القارورة مرة أخرى ليشرب ما تبقى بها ثم إعادتها


 مرة أخرى. أمير كان في منتهى الغضب حينها؛ وقف أمام حسن مشككاً بنواياه، ثم انتبه إلى


 النخلة أمامه. هز رأسه وصعد على ظهر حسن وأكمل المسير


 تناول الماء ليجده فارغاً تماماً. ابتسم حسن ابتسامة الجمال وأكمل سيره.


أخيراً وصلا إلى القرية في وسط واحدة مليئة بأشجار التمر اللذيذ، والأعشاب الطيبة


 وأشجار الفاكهة والورود العطرة. رأى حسن البحيرة الصغيرة في وسط القرية، شعر


حينها بعطش كبير. أنزل أمير أحماله من البهارات والزيوت والأحجار الثمينة عن


 ظهر الجمل حسن وأخذها إلى السوق ليبيعها.


No Image Available


سار حسن مهرولاً إلى الماء ودخله وبدأ بالقفز داخله، كان في منتهى السعادة


 لم يعد حسن، الجمل العطشان. كان يشعر ببرودة منعشة ونظافة. ثم تذكر أنه


 سيعود إلى المدينة عابراً الصحراء الحارقة، فشرب


 وشرب، ثم شرب وشرب حتى لم يعد هناك أي مكان لقطرة أخرى في معدته.
عاد أمير يبحث عنه، تناول لجامه ثم عادا يعبران الصحراء


 ولكن حسن لم يعد يشعر بأي عطش ولم يشعر بأي تعب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق